فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِهَا) أَيْ الْمُصَالَحَةِ. اهـ. ع ش.
(وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ) وَلَيْسَ أَبًا وَلَا جَدًّا (بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ فَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَصَدَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُوجِرَ مُضْطَرًّا لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ إبْقَاءً لِمُهْجَتِهِ مَعَ تَرْغِيبِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ.
أَمَّا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ إذَا أَدَّى دَيْنَ مَحْجُورِهِ أَوْ ضَمِنَهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِي الْأَدَاءِ (بِشَرْطِ الرُّجُوعِ) فَأَدَّى بِقَيْدِهِ الْآتِي (رَجَعَ) عَلَيْهِ (وَكَذَا إنْ أَذِنَ) لَهُ إذْنًا (مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَأَدَّى لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِنْ قُلْتَ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْإِمَامِ مَتَى أَدَّى الْمَدِينُ بِغَيْرِ قَصْدِ شَيْءٍ حَالَةَ الدَّفْعِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا وَلَمْ يَمْلِكْهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بَلْ لَابُدَّ مِنْ قَصْدِ الْأَدَاءِ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَغْلَطُ فِي هَذَا وَيَقُولُ أَدَاءُ الدَّيْنِ لَا تَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ. اهـ.
وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّبَرُّعَ قُلْتُ لَا يُنَافِيه لِأَنَّ إذْنَ الْمَدِينِ فِي الْأَدَاءِ عَنْ دَيْنِهِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ عَنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الدَّفْعِ بَلْ يَنْبَغِي جَوَازُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ هُنَا عِنْدَ عَزْلِ مَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الزَّكَاةِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ اعْلِفْ دَابَّتِي أَوْ قَالَ أَسِيرٌ: فَادِنِي وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ وَيُفَرَّقَ بَيْنَ هَذَيْنِ وَأَطْعِمْنِي رَغِيفًا بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَا أُجْرَةَ فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ وَقَوْلُ الْقَاضِي لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ دَارِهِ لَا أَدَاءَ دَيْنِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ اقْضِ دَيْنِي وَأَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي. اهـ.
ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِشُقَّةِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْقَرْضِ أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ الرُّجُوعَ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ رَجَعَ وَفَارَقَ نَحْوَ أَدِّ دَيْنِي وَاعْلِفْ دَابَّتِي بِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ فَيَكْفِي الْإِذْنُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ وَأَلْحَقَ بِهِمَا فِدَاءَ الْأَسِيرِ عَلَى خِلَافِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ اعْتَنَوْا فِي وُجُوبِ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهِ مَا لَمْ يُعْتَنَوْا بِهِ فِي غَيْرِهِ.
قَالَ الْقَاضِي أَيْضًا وَلَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى امْرَأَتِي مَا تَحْتَاجُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ صَحَّ ضَمَانُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَيْسَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ السَّابِقِ بَلْ مَا يُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلِيَّ أَنَّهُ مَرَّ فِي كَلَامِ الْقَاضِي نَفْسِهِ أَنَّ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك فَفَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ الَّذِي أَدَّى بِهِ الدَّيْنَ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ رَجَعَ لِلْمُؤَدَّى إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبًا أَوْ جَدًّا فَيَرْجِعُ لِلْمُؤَدَّى عَنْهُ.
الشَّرْحُ:

.فَرْعٌ:

فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ رَجُلٌ ضَمِنَ شَخْصًا بِإِذْنِهِ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا وَلِلْمَضْمُونِ الْمَدْيُونُ عِنْدَ الضَّامِنِ مَالٌ وَدِيعَةٌ فَقَالَ لَهُ أَدِّ الْعِشْرِينَ مِمَّا عِنْدَك ثُمَّ إنَّهُ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي قَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَهَلْ لِلضَّامِنِ إمْسَاكُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْضِيَ مِنْهَا الدَّيْنَ أَمْ لَا الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ انْتَهَى وَفِي جَوَابِهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ الْآتِي) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إذَا أَشْهَدَ إلَخْ وَأَنْ يُرِيدَ بِهِ قَوْلَهُ الْآتِي آنِفًا لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ وَعَلَى الْجُمْلَةِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَا هُنَا أَيْضًا بِأَنْ لَا يَقْصِدَ التَّبَرُّعَ وَكَذَا تَقْيِيدُ رُجُوعِ الضَّامِنِ حَيْثُ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَيْضًا بَلْ لَمْ يُذْكَرَ هَذَا التَّقْيِيدُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إلَّا فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْوَاقِفِ عَلَى عِبَارَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُهُ هُنَا كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي النَّاشِرِيّ مَا نَصُّهُ شَرَطَ بَعْضُهُمْ تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ أَمَّا لَوْ قَصَدَ التَّبَرُّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِ الْأَصِيلِ ذَاكِرًا لِلضَّمَانِ أَوْ نَاسِيًا أَوْ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ عَنْ زَكَاتِهِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ بِالْقَصْدِ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَقَصْدِهِ الدَّفْعَ عَنْ الضَّمَانِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَيْهِ إنْ شَاءَ وَإِلَى التَّطَوُّعِ بِهِ إنْ شَاءَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى لَكِنَّ الشَّارِحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ رَدَّ هَذَا الشَّرْطَ ثُمَّ قَالَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ هُنَا وَثَمَّ أَيْ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِالتَّسْلِيمِ الْأَدَاءُ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَقَصَدَهُمَا لَمْ أُطْلِقْ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الْقَصْدَ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ نَفْسَهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ هُنَا انْتَهَى وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْحَطُّ عَلَى جِهَةِ الضَّمَانِ خِلَافًا لِمَا ذُكِرَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مَنْ الْأَشْبَهِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ قُلْتُ لَا يُنَافِيه إلَخْ) أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُوَجِّهَ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ بِأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ التَّبَرُّعِ صَادِقٌ مَعَ قَصْدِ الْمُؤَدِّي الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوَّلًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَدَاءِ الْمَدِينِ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ بِذَلِكَ الْقَصْدِ وَلَيْسَ مُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ أَدَاءِ الْمَدِينِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَلْ إنَّهُ إذَا أَدَّى الْمَدِينُ فَلَابُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ فَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمَدِينِ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي فَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ تَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَدِّي سِيَّمَا وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِعَزْلٍ وَلَا أَدَاءً وَعِنْدَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِهِ نِيَّتُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ وَأَيْضًا فَكَيْفَ تَصِحُّ النِّيَّةُ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى وَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمُؤَدَّى فَالتَّضَمُّنُ الَّذِي ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ إذْنُ الْمَدِينِ لَا يَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْمُؤَدَّى عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْوَجْهَ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اُضْطُرَّتْ الدَّابَّةُ كَمَا فِي الْآدَمِيِّ أَوْ عَلَى مَا إذَا الْتَزَمَ الْبَدَلَ لِتَوَافُقِ مَا قَالَهُ أَيْ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَطْعِمْنِي خُبْزَك فَأَطْعَمَهُ لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ عَلَيَّ أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا يَسْتَشْكِلُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ اتِّحَادَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ فَيُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ بَلْ شَرْطُ الرُّجُوعِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ نَعَمْ قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إذْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ فَكَيْفَ اُعْتُدَّ بِالْإِذْنِ فِي أَدَاءِ مَا لَمْ يَجِبْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ تَابِعٌ لِلْإِذْنِ فِي أَدَاءِ مَا وَجَبَ وَهُوَ نَفَقَةُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ) يَسْتَشْكِلُ صِحَّةُ الضَّمَانِ وَلَوْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ لِأَنَّ فِيهِ اتِّحَادَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَدْيُونُ الضَّامِنِ فِيمَا يُؤَدِّيه لِلزَّوْجَةِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ صِحَّةَ اتِّحَادِهِمَا إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ لَهُ غَيْرُهُمَا كَمَا هُنَا فَإِنَّ الْمُنْفِقَ هُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ نَعَمْ يَسْتَشْكِلُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ دَيْنٍ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَلَا دَيْنَ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ عِنْدَ الضَّمَانِ لَمْ يَقَعْ إنْفَاقًا لِيَكُونَ دَيْنًا لَهُ.
(قَوْلُهُ رَجَعَ لِلْمُؤَدِّي إلَخْ) هَذَا فِي الضَّمَانِ بِلَا إذْنٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ هَذَا السِّيَاقُ أَمَّا بِالْإِذْنِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَا أَدَّاهُ وَيَرْجِعُ الْأَصِيلُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْنِ مَا أَخَذَهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ وَاضِحًا مِنْ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ ضَمِنَ الثَّمَنَ بِالْإِذْنِ وَأَدَّاهُ ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَالْأَصِيلُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَخَذَهُ وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُ وَرَدُّ بَدَلِهِ وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَتَمْلِيكَهُ وَإِنْ ضَمِنَ أَيْ الثَّمَنَ بِلَا إذْنٍ أَيْ وَأَدَّاهُ ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصِيلِ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّهُ وَلِمَنْ يَرُدُّهُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الصَّدَاقِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ أَبًا) إلَى قَوْلِهِ كَمَا بَيَّنَتْهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَأَدَّى إلَى الْمَتْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ انْتَفَى فِيهِمَا إلَخْ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا لَوْ وُجِدَ الضَّمَانُ وَأَدَّى بِلَا إذْنٍ فِيهِ وَفِي الْأَدَاءِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ الضَّمَانُ وَوُجِدَ الْأَدَاءُ بِلَا إذْنٍ فِيهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُوجِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفَارَقَ مَا لَوْ أُوجِرَ طَعَامُهُ مُضْطَرًّا قَهْرًا أَوْ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ خَلَاصُهُ مِنْ الْهَلَاكِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ مَا لَوْ أُوجِرُ مُضْطَرًّا) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ الْعَقْدُ مَعَهُ فِيهَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالضَّمَانِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ) وَيَنْبَغِي فِي صُورَةِ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ الْآتِي) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إذَا أَشْهَدَ إلَخْ وَأَنْ يُرِيدَ بِهِ قَوْلَهُ الْآتِي آنِفًا لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَا هُنَا أَيْضًا بِأَنْ لَا يَقْصِدَ التَّبَرُّعَ وَكَذَا تَقْيِيدُ رُجُوعِ الضَّامِنِ حَيْثُ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَيْضًا بَلْ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا التَّقْيِيدُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إلَّا فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ وَفِي النَّاشِرِيِّ مَا نَصُّهُ شَرَطَ بَعْضُهُمْ تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ أَمَّا لَوْ قَصَدَ التَّبَرُّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِ الْأَصِيلِ ذَاكِرًا لِلضَّمَانِ أَوْ نَاسِيًا أَوْ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ عَنْ زَكَاتِهِ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ بِالْقَصْدِ عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَقَصْدِهِ الدَّفْعَ عَنْ الضَّمَانِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَيْهِ إنْ شَاءَ وَإِلَى التَّطَوُّعِ بِهِ إنْ شَاءَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى وَلَكِنَّ الشَّارِحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ رَدَّ هَذَا الشَّرْطَ ثُمَّ قَالَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ هُنَا أَيْ فِي الضَّمَانِ وَثَمَّ أَيْ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّسْلِيمَ وَالْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَقَصَدَهُمَا أَمْ أَطْلَقَ. اهـ.
وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْحَطُّ عَلَى جِهَةِ الضَّمَانِ خِلَافًا لِمَا ذُكِرَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ الْأَشْبَهِ الْمَذْكُورِ. اهـ. سم بِحَذْفٍ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الرَّشِيدِيِّ تَقْيِيدَ انْحِطَاطِ الْإِطْلَاقِ عَلَى ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ حَذَفَا قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ الْآتِي أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا يَأْتِي آنِفًا فِي كَلَامِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ أَذِنَ إلَخْ) وَفِي مَعْنَى الْإِذْنِ التَّوْكِيلُ فِي الشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاجِحِ لِتَضَمُّنِ التَّوْكِيلِ إذْنَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتَهُ بِالثَّمَنِ وَالْعُهْدَةِ. اهـ. مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ أَذِنَ إلَخْ) أَيْ بِلَا ضَمَانٍ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ السَّابِقُ وَلَا عَكْسَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَأَدَّى لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا أَدَّى بِقَصْدِ الرُّجُوعِ. اهـ. قَضِيَّتُهَا عَدَمُ الرُّجُوعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ مَتَى أَدَّى الْمَدِينُ) أَيْ شَيْئًا لِدَائِنِهِ (لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْمُؤَدَّى (شَيْئًا) أَيْ لَا تَبَرُّعًا وَلَا مَحْسُوبًا مِنْ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (يُنَافِي مَا ذُكِرَ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ قَصْدِ الْمَدِينِ الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ دَيْنِهِ مُفْهِمٌ لِاشْتِرَاطِ قَصْدِ الْمُؤَدِّي لِدَيْنِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ قُلْتُ لَا يُنَافِيه إلَخْ) أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُوَجَّهَ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ بِأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ التَّبَرُّعِ صَادِقٌ مَعَ قَصْدِ الْمُؤَدِّي الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوَّلًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَدَاءِ الْمَدِينِ وَأَدَاءِ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ بِذَلِكَ الْقَصْدِ وَلَيْسَ مُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ أَدَاءِ الْمَدِينِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَلْ إنَّهُ إذَا أَدَّى الْمَدِينُ فَلَابُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ فَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمَدِينِ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي فَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَدِّي سِيَّمَا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِعَزْلٍ وَلَا أَدَاءً أَوْ عِنْدَ أَدَاءِ الْمُؤَدِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِهِ نِيَّتُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ وَأَيْضًا فَكَيْفَ تَصِحُّ النِّيَّةُ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى وَإِنْ أَرَادَ نِيَّةَ الْمُؤَدِّي فَالتَّضَمُّنُ الَّذِي ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ إذْنُ الْمَدِينِ لَا يَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْمُؤَدِّي عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم.